أغلى لوحة في تاريخ الفن البدائي بيعت بمليوني دولار
رسمها راعي ماشية وسعرها في تصاعد
«وارلوغولونغ» اللوحة البدائية الأغلى في العالم
لندن: عدنان حسين أحمد
شَهد مزاد "ميلبورن" في أستراليا، حدثا غير مسبوق، إذ بيعت فيه لوحة "وارلوغولونغ" للفنان "لكليفورد بوسوم تجابالجاري"، وهو أشهر الفنانين البدائيين الأستراليين بأكثر من مليوني دولار أمريكي، أي ما يعادل 970 ألف جنيه استرليني. والجدير ذكره أن هذه الأيقونة الفنية كانت معلقة على جدار منسي في كافتيريا أحد البنوك الأسترالية التي بيعت بثمن زهيد لا يتجاوز الألف ومائتي دولار أسترالي. تعتبر هذه التحفة النادرة واحدة من أروع الأمثلة على الفن البدائي النابع من الحس الفطري للفنانين الذين يولدون ويموتون بعيدين عن زحمة المدن وضجيجها. وقد بلغ سعر هذا العمل الأيقوني ضعف السعر الذي بيعت به لوحة "الخليقة" للفنانة البدائية الأسترالية كيم كناكويريز، وهو مليون وستة وخمسون ألف دولار في مايو 2007.
تشتمل اللوحة الفنية البدائية "وارلوغولونغ" للفنان الأسترالي "كليفورد بوسوم تجابالجاري"، التي بيعت الأسبوع الماضي بمبلغ قياسي، قصصاً عديدة مركزة ومكثفة، وقد وظفها الفنان بعناية بالغة. ففي اللوحة مشاهد وصفية كثيرة للمناظر الطبيعية لمنطقة "أليس سبرنغس" التابعة للمقاطعات الشمالية الوعرة من أستراليا. ويوضح جزء من السطح التصويري للوحة حريقاً في الغابة أشعله أحد الأسلاف الغاضبين على أولادهم، وقد جسّده بواسطة لسان أزرق. أما النار فقد جسّدها من خلال شكل الشمس الحمراء التي تتوسط العمل الفني. يجزم الخبراء بأن هذا العمل الفني لم يأخذ حقه من البحث والدراسة النقدية مما جعله عرضة للنسيان طوال ثلاثة عقود، حيث أنجز الفنان هذه اللوحة التي باتت شهيرة ومعروفة الآن في كل مكان عام 1977 تحديداً. وقد أماط عنها المتحف الوطني الأسترالي في كانبيرا اللثام، وأعطاها حق قدرها حينما وضعها بين مقتنيات المتحف الرئيسة. وقال أحد خبراء المتحف بأن هذا الرقم القياسي سوف يُكسَر لاحقاً إذا ما عرضت هذه اللوحة في مزاد آخر، لأن أحداً لم ينتبه لمضمونها، وأهميتها على الصعيدين البصري والفكري. ولكي نسلّط الضوء على هذا الفنان المبدع لا بد من الإشارة الى أبرز المحطات في حياته الشخصية والإبداعية. فقد وُلِد كليفورد عام 1933 في "نيبرباي ستيشن، بابونيا" في الصحراء الغربية الاسترالية، ولم يتلقَ كليفورد إلا قسطاً متواضعاً جداً من التعليم لأنه كان يعيش منزوياً في غابة معزولة. وقد عمل في الأربعينات من القرن الماضي في تربية قطعان الماشية في عدد من المحطات والمراكز الصحراوية. كان كليفورد نحاتاً فطرياً، يجسد رسوماته بواسطة الحفر على الخشب. ويبدو أن أخاه تيم لورا قد تنبه الى موهبة أخيه المبكرة، خصوصاً عندما كان يعلّم الأطفال الصغار فن النحت على الخشب، فحثَّه على الانتماء الى جمعية "الرسامين الرجال". وحينما وفدَ جيفري باردون الى الصحراء الغربية الأسترالية شجع كليفورد على الرسم، وحرَّضه على أن يمزج بين الأسلوب البدائي وبعض التقنيات الأوروبية مثل إستعمال الكانفاس والألوان الزيتية والاكريليك. ويقال ان أحد أولاد الفنان البدائي ألبيرت ناماتجبرا قد أعطاه ألواناً زيتية فبدأ بالرسم على القماش بدلاً من السطوح الترابية الزائلة وهي الوسيلة التي كانت متاحة آنذاك. يعتمد كليفورد على "التقنية التنقيطية" التي يجسد بها فكرته التشخيصية ذات الأبعاد الثلاثة في الأعم الأغلب. ولأنه كان متمكناً من أدواته الفنية، ويمتلك مخيلة مجنحة، استطاع أن يوحي لنا من خلال أعماله، بقوة أشعة الشمس أو تضاؤلها حسب ساعات النهار. فاللوحات المرسومة صباحاً تختلف عن لوحات الظهيرة ولوحات المساء والغروب. وقد وصف بعض النقاد الحاذقين لوحاته بأنها كتابة بصرية.
تُعَّد موضوعات كليفورد الأكثر تعقيداً قياساً للفنانين