علماء يحذرون من مادة موجودة في البلاستيك ذات أخطار على البشر
تؤدي إلى تليف الرحم وسرطان البروستاتا والثدي وانخفاض عدد الحيوانات المنوية
لوس انجليس: مارلا كون *
في جهد غير عادي يستهدف مادة كيميائية وحيدة، اصدر عشرات العلماء الخميس الماضي بيانا حاد العبارات يحذر من ان مادة مماثلة للاستروجين موجودة في البلاستيك، من المرجح ان تتسبب في مجموعة الاضطرابات التناسلية الخطيرة عند البشر.
والمادة التي يطلق عليها اسم بيسفنول ايه او BPA، هي واحدة من اكثر المواد الكيماوية انتشارا في العالم، ووجدت طريقها الى اجساد معظم الناس.
وتستخدم هذه المادة في صناعة البلاستيك المقوى، ويمكن لها ايضا ان تتسرب من عبوات المشروبات وغيرها من المواد. وهي تستخدم في كل زجاجات الاطفال البلاستيكية المصنوعة من بوليكاربونيت، بالاضافة الى غيرها من المواد البلاستيكية الصلبة، من بينها عبوات تبريد المياه الكبيرة والعبوات الرياضية واطباق المايكروويف، بالاضافة الى عبوات الطعام وبعض المواد المستخدمة في علاج اسنان الاطفال.
وقد اطلع العلماء، من بينهم اربعة من وكالات صحية اميركية فيدرالية ـ على 700 دراسة قبل التوصل الى قناعة ان الناس معرضون لمستويات من تلك المادة الكيميائية تتعدى تلك التي تضر بحيوانات المعامل. واكثر البشر عرضة لها، الاجنة والاطفال.
وقد صاحب البيان الذي صدر على الانترنت في موقع «جورنال ريبرودكتيف توكسيكولوجي»، دراسة جديدة قام بها عدد من الباحثين من المعهد الوطني للصحة، عثرت على اضرار في الاوترين في الحيوانات حديثة الولادة التي تعرضت لمادة BPA. وهذه الاضرار اشارة الى امراض تناسلية عند النساء، بما في ذلك تليف الرحم واورام الرحم والسرطان. وهي اول مرة يجري فيها ربط تلك المادة الكيماوية باضطرابات الجهاز التناسلي للمرأة، وإن كانت بعض الدراسات السابقة قد عثرت على مراحل متقدمة من سرطان البروستاتا والثدي وانخفاض في عدد الحيوانات المنوية في الحيوانات التي تعرضت لجرعات منخفضة من مادة BPA.
ويكثف بيان العلماء والدراسة الجديدة بالاضافة الى المراجعات العلمية الملحة، التي لخصت الـ700 دراسة – جدلا حادا بخصوص ما اذا كانت المادة الداخلة في البلاستيك تمثل تهديدا عاما ام لا. وحتى الان لم تقيد اية هيئة حكومية هنا او في الخارج استخدامها.
وقد هاجم ممثلو قطاع البلاستيك العلماء باعتبارهم تسببوا في اثارة القلق، وقالوا ان نتائجها غير متناسقة وغير مؤكدة.
واوضح ستيف هنتغيس من مجموعة BPA في مجلس الكيمياء الاميركي «اذا ما وضعنا في الاعتبار ان هؤلاء الناس اعلنوا وجهة نظرهم في الماضي، فهل هناك أي مفاجأة؟ هل هناك أي شيء جديد».
وقال هنتغيس ان العلماء الذين وقعوا البيان لم يخترهم احد، وهناك العديد من الخبراء الذين لم يشاركوا في توقيع هذا البيان، وان العديد لديهم مصالح متباينة، لانهم اما درسوا مادة BPA وتأثيرها او اتخذوا موقفا دفاعيا واضحا».
واضاف «وهم يتناقضون تماما مع نتائج اي جهاز علمي حكومي، درس نفس الموضوع».
وقد قررت لجنتان علميتان في اوروبا واليابان أخيرا عدم وجود ادلة علمية كافية لتقييد استخدام هذه المادة. فقد قررت هيئة سلامة الاغذية الاوروبية في شهر يونيو (حزيران) الماضي ان المعلومات غير حاسمة، بسبب اختلاف التحول الغذائي بين الفئران والبشر، وبسبب عدم التأكد من حجم الكمية التي يتعرض لها الناس قبل ان تمثل خطرا. وفي الاسبوع القادم، يعقد مجموعة من الخبراء الاميركيين لجنة لتقرير ما اذا كان يجب اعلان مادة BPA مادة سمية بالنسبة للجهاز التناسلي، وهو ما يمكن ان يكون الخطوة الاولى نحو تنظيم فيدرالي. تجدر الاشارة الى ان تقييم لجنة المركز الفيدرالي لتقييم الاخطار على الجهاز التناسلي البشري، وهي جزء من المعهد الوطني للصحة، يثير دائما جدلا. وكانت هذه الصحيفة قد ذكرت في شهر مارس (اذار) الماضي ان تقريرها المبدئي عن BPA كتبته شركة استشارية ذات علاقات مالية مع قطاع الكيماويات جرى وقف التعامل معها.
وقال فردريك فوم سال من جامعة ميسوري في كولومبيا، وهو خبير في سموم الجهاز التناسلي، إن بيان العلماء حول مادة BPA «مختلف عن أي منطلق اخر بالنسبة لهذه المادة الكيميائية».
واوضح فوم سال «لدينا، بلا ادنى شك، مجموعة شاملة من الوثائق تغطي كل جوانب المادة، والامل هنا هو ان تدرس اللجان الحكومية هذه المعلومات، وتستوعبها وتضمها الى مبررات اتخاذ القرار».
تجدر الاشارة الى عدم اجراء اية دراسة حول تأثيرها على الناس، ومن بين اهداف العلماء الذين وقعوا البيان هو اجراء ابحاث على البشر.
وقال جيرولد هندل وهو عالم مع المعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية، الذي نظم اللقاء في الخريف الماضي لصياغة البيان، انه على الرغم من عدم وجود دراسات بشرية بخصوص BPA، فهناك الان العديد من المعلومات حول الحيوانات، بحيث يعتقد العلماء الذين شاركوا في توقيع البيان وعددهم 38 عالما، بأنه من المرجح وقوع اضرار بشرية. وقد عثرت 150 دراسة على تأثيرات صحية في الحيوانات التي تعرضت لـ BPA بكميات قليلة.
واضاف «نعلم ما تم منحه للحيوانات، وعندما ننظر للبشر، نرى مستويات الدم في اطار هذا المستوى او اعلى، وهي سبب للقلق ويجب ان تؤدي الى مزيد من الابحاث».
* خدمة «لوس انجليس تايمز» خاص بـ«الشرق الاوسط»